محمــد حجــازي المدير العام
العمر : 29 نقاط : 51832 عدد المساهمات : 3456 تاريخ التسجيل : 29/06/2012 الموقع : أم الدنيـــــــــــــــا
| موضوع: هزل مديره بالكفر ، ولم ينكر عليه !! الأحد يناير 27, 2013 10:46 pm | |
| السؤال: قال محدثي هازلا في حوار : إنه بعد إنهائه العمل في شركة معينة ، إما سيصبح رسولا ، أو وزير خارجية ؛لكثرة المشاكل التي اعترضته ووجب عليه حلها ، فتبسمت في بادئ الأمر لقوله لكي أجاريه لكونه رئيسي في العمل ، ثم استدركت ما فعلته وأحسست فظاعة مجاراته ، فأنكرته بقلبي وبملامح وجهي ، ولكن لم أنكر ذلك عليه قولا . هل أكون قد كفرت بمجاراته في بادئ الأمر؟ وهل إنكار ذلك بقلبي بعد ذلك ينجيني من الكفر؟ وما هي الطريقة الأمثل لي لإفهامه أن ما قاله قول كفري ؟ وما هو الدليل الذي علي الاستشهاد به؟
الجواب :
الحمد لله أولا : هذا القول الذي تفوّه به رئيسك في العمل - وهو قوله أنه بعد إنهائه العمل في هذه الشركة إما أن يصبح رسولا أو يصبح وزيرا لا شك أنه قول مُفترَى ، واستهزاء بدين الله وبكتابه وبرسوله ، وذلك أنه لا نبي بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، كما هو معلوم من الدين بالضرورة ، كما قال تعالى : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) الأحزاب/ 40 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا نبي بعدي ) رواه البخاري (4416) ومسلم (2404) . ومن زعم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رسول أو أنه سيصبح رسولا ، إما أن يكون مكذبا للقرآن والسنة ، متبعا غير سبيل المؤمنين ، وإما أن يكون هازلا لاعبا ، وكلا الأمرين كفر وضلال . ولا يجتمع في قلب عبد إيمان بالله وكفر به ، أو استهزاء بآياته ، أو بأحد من رسله ، أو تكذيب بخبره . وقد قال الله تعالى: ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة / 65 - 66 يقولون عند الاعتذار: إنما نتكلم بكلام لا قصد لنا به ولا قصدنا الطعن والعيب. قال أبو بكر بن العربي رحمه الله : " لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ جِدًّا أَوْ هَزْلًا ، وَهُوَ كَيْفَمَا كَانَ كُفْرٌ ؛ فَإِنَّ الْهَزْلَ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ ، لَا خُلْفَ فِيهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ " انتهى من "أحكام القرآن" (2/ 543) . وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ : " من استهزأ بالله ، أو بكتابه ، أو برسوله ، أو بدينه : كفر ، ولو لم يقصد حقيقة الاستهزاء ، إجماعاً ". انتهى من "تيسير العزيز الحميد" (ص617) . وقد تقدم بيان ذلك بالتفصيل في جواب السؤال رقم : (102871) ، (163627) .
ثانيا : الواجب على المسلم إذا سمع أو رأى شيئاً من الاستهزاء بالدين أن ينكر على قائله وفاعله إنكاراً شديداً ، فإن لم يستجب له لزمه مغادرة المكان الذي هو فيه ، قال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا ، فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ، إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ، إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )النساء/140 . وأما التبسم والضحك عند سماع مثل هذا الكلام ، فيجعل صاحبه شريكا للقائل في الإثم إن كان عن رضاً وقبول ، كما قال تعالى : (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) ، وإن لم يكن عن رضا وقبول ، فهو معصية كبيرة تدل على عدم تمكن تعظيم الله وشعائره من قلبه . والواجب على المسلم أن يعظم شعائر دين الله وآيات الله ، كما قال تعالى : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ). قال السعدي رحمه الله : " أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله ، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة " انتهى من "تفسير السعدي" (ص342) .
والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من مداهنة هذا المدير في قولته ، وعدم إنكار ذلك عليه ، أو ترك المكان الذي هو فيه ، مع المداومة على فعل الطاعات والتقرب إلى الله بأنواع القرب . وأما الاستنكار بالوجه ، بعد ما تبسمت أولا ، فهذا غير كاف ؛ أولاً : لأنك قادر على أن تنكر عليه ذلك بلسانك ، مع الرفق ومراعاة العلاقة بينكما ، لكن التوجيه الهادئ واللفتة السريعة إلى مثل ذلك ، لا نعتقد أن فيها مشكلة أو صعوبة ، أو أن ضررا سيترتب عليها .
فاجتهد الآن في نصح هذا الرجل ، وتنبيهه إلى خطر ما وقع فيه وشناعة ما قاله ، ولو على سبيل اللعب والمزاح ، وقد ذكرنا بعض الأدلة على كفر من نطق بالكفر ، ولو على سبيل اللعب ، ومن هذا الكفر دعوى إنسان أن نبي ، أو أنه سيصير نبيا بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد سبقت الإشارة إلى بعض الأدلة على ختم النبوة . وينظر جواب السؤال (113393) ورقم (4060) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة : بعض الناس يقول الكلام قد يؤدي إلى الكفر أو الفسق ، ويقول: إنني أمزح ، فهل مزاحه به صحيح في رفع الحرج أم لا ؟ فأجابوا : " يحرم المزح تحريما شديدا بما فيه كفر أو فسق ، قال الله تعالى: ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) ، وتجب التوبة من ذلك العمل والاستغفار، عسى الله أن يتوب على فاعله " . انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2 /50) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " الذي يسب الدين لا شك في كفره ، وكونه يدعي أنه مستهزئ وأنه لاعب وأنه ما قصد هذا لا ينفي كفره ، كما قال الله تعالى عن المنافقين: ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) . ثم نقول له : إذا كنت صادقاً في أنك تمزح أو أنت هازل لست بجاد فارجع الآن وتب إلى الله ، فإذا تبت قبلنا توبتك ، تب إلى الله وقل : أستغفر الله مما جرى ، وارجع إلى ربك ، وإذا تبت ولو من الردة فإنك مقبول التوبة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (14 /28) .
راجع جواب السؤال رقم : (175838) .
والله تعالى أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب | |
|