محمــد حجــازي المدير العام
العمر : 29 نقاط : 53742 عدد المساهمات : 3456 تاريخ التسجيل : 29/06/2012 الموقع : أم الدنيـــــــــــــــا
| موضوع: هل الزواج بمن بها مس من الشيطان يؤثر على الأولاد في المستقبل ؟ الأربعاء ديسمبر 26, 2012 12:51 am | |
| السؤال: أفكر بالزواج ، ولكني لم أجد الفتاة المناسبة حتى الآن ، إلا أن لي ابنة عمّ ، ولكنها مصابة بمسّ شيطاني جنّي متلبس بها ، سؤالي هو: هل يمكن لحالتها هذه أن تؤثر على الزواج ما لو فكرت الزواج بها ؟ ، وهل يمكن علاجها وإخراج الجني منها؟ ، وهل لذلك تأثير على الأولاد في المستقبل؟ ، وماذا تقول السنة النبوية عن زواج كهذا ؟
الجواب :
الحمد لله الحمد لله أولا : تلبس الجني بالإنسي ودخوله بدنه وصرعه ثابت بالكتاب والسنة واتفاق العلماء . ولكن شيئا من ذلك لا يحصل إلا بإذن الله . ثانيا : لا يمنع صرع الجن ومسّه من التزوج ، ولكن على من ابتلي بذلك من الطرفين أن يخبر صاحبه به ؛ لأن هذا الصرع من العيوب المثبتة للخيار ، والتي يفوت بها بعض مقاصد النكاح الأساسية . راجع إجابة السؤال رقم (135785) ، والسؤال رقم (158489) . ثالثا : أمثال هذه الحالات قد تؤثر على الزواج من جهة أن الزوج قد لا يصبر على هذا البلاء الذي ابتليت به زوجته ، وقد يؤدي به ذلك إلى كراهة معاشرتها ؛ فلا يحسن إليها ولا يعاشرها بالمعروف كما أمر الله . أما من جهة تأثير الشيطان الذي تلبس بها على الزواج وعلى العشرة بين الزوجين ، فهذا بحسب ما هما عليه من الإيمان والصبر ، فمن كان إيمانه قويا فإنه لا سبيل للشيطان عليه ؛ كما قال تعالى : ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) النحل/ 99- 100 . وقال تعالى : ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا ) الإسراء/ 64، 65 . ومن كان إيمانه ضعيفا تلاعب به الشيطان كما يتلاعب الصبيان بالكرة . رابعا : هذا المس الشيطاني وما قد يعقبه من الصرع من البلاء الذي يجزي الله من ابتلي به فصبر أعظم الجزاء . روى البخاري (5652) ومسلم (2576) عن عَطَاء بْن أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : " قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ بَلَى قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي ، قَالَ : ( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ) فَقَالَتْ أَصْبِرُ ، فَقَالَتْ إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ . فَدَعَا لَهَا " . قال النووي رحمه الله : " فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الصَّرْع يُثَاب عَلَيْهِ أَكْمَلَ ثَوَاب " انتهى من " شرح مسلم " (132/16).
وقال ابن حجر رحمه الله : " وَعِنْد الْبَزَّار مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة أَنَّهَا قَالَتْ " إِنِّي أَخَاف الْخَبِيث أَنْ يُجَرِّدنِي " ... وَقَدْ يُؤْخَذ مِنْ الطُّرُق الَّتِي أَوْرَدَتْهَا أَنَّ الَّذِي كَانَ بها كَانَ مِنْ صَرْع الْجِنّ لَا مِنْ صَرْع الْخَلْط " انتهى من " فتح الباري " (115/10) . خامسا : يمكن علاج هذه المرأة وإخراج الجني منها بإذن الله وبحوله وقوته سبحانه ؛ فإن كيد الشيطان ضعيف ، ولا سلطان له على المؤمن ولا على المؤمنة ، وإنما هو أذى يقدره الله على من يشاء من عباده ، وهو للمؤمنين والمؤمنات رحمة وكفارة ورفعة للدرجات . وأفضل وسيلة للعلاج من هذا ، قراءة القرآن الكريم على المصاب ورقيته بالأدعية الواردة ، مع محافظته على الأوراد الشرعية من تلاوة القرآن والأذكار ، ويزول ما فيه بإذن الله تعالى . قال الحافظ : " وَفِي الْحَدِيث أَنَّ عِلَاج الْأَمْرَاض كُلّهَا بِالدُّعَاءِ وَالِالْتِجَاء إِلَى اللَّه أَنْجَع وَأَنْفَع مِنْ الْعِلَاج بِالْعَقَاقِيرِ , وَأَنَّ تَأْثِير ذَلِكَ أَعْظَم مِنْ تَأْثِير الْأَدْوِيَة الْبَدَنِيَّة , وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْجَع بِأَمْرَيْنِ : أَحَدهمَا مِنْ جِهَة الْعَلِيل وَهُوَ صِدْق الْقَصْد , وَالْآخَر مِنْ جِهَة الْمُدَاوِي وَهُوَ قُوَّة تَوَجُّهه وَقُوَّة قَلْبه بِالتَّقْوَى وَالتَّوَكُّل " انتهى من " فتح الباري " (115/10) . راجع إجابة السؤال رقم : (1819) ، والسؤال رقم (105336) . سادسا : الذي ننصحك به أن تتأنى في أمر هذا الزواج ، وتنظر في أمر نفسك ، وأمر الفتاة ؛ فإن غلب على ظنك أن تحتمل مثل هذه الحالة ، وسوف تصبر عليها ، خاصة بعد وقوفك على طبيعتها ، ممن يعرفها ، أو قام بعلاجها ، وكانت الفتاة مرضية الدين والخلق : فتوكل على الله ، وتقدم لها ، خاصة وأن بينكما رحما ، وأنت أولى بها ، وأصبر عليها ـ إن شاء الله ـ من غيرك . وإن كنت تعلم أنك لن تصبر على مثل ذلك ، وربما شق عليك إكمال الطريق معها ؛ فمن الآن إذا ، ولا داعي لأن تفتح على نفسك بابا يشق عليك احتماله أو إغلاقه .
راجع إجابة السؤال رقم (158489) . والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب | |
|